القائمة الرئيسية

الصفحات

المغرب يلجأ لاستيراد 20 ألف طن من اللحوم المجمدة لمواجهة الغلاء وقلة العرض المحلي

المغرب يلجأ لاستيراد اللحوم المجمدة لمواجهة غلاء الأسعار وقلة العرض المحلي


قناة أحمد للاستيراد والتصدير
أحمد المغربي

في خطوة غير مسبوقة، قررت الحكومة المغربية الترخيص لاستيراد 20 ألف طن من اللحوم المجمدة في إطار مواجهة التحديات الاقتصادية التي يمر بها قطاع المواشي في البلاد. وذلك في محاولة لتخفيف الضغوط الناتجة عن غلاء الأسعار ونقص العرض المحلي الذي تسببت فيه سنوات الجفاف المتتالية.

و يأتي هذا القرار في وقت حساس يعاني فيه المواطنون من ارتفاع صاروخي في أسعار اللحوم الحمراء، لا سيما لحوم الغنم والماعز، مما يضع مزيدًا من العبء على الميزانية الأسرية.


أسباب ارتفاع الأسعار في السوق المحلي

 منذ سنوات، يعاني قطاع تربية المواشي في المغرب من تداعيات الجفاف المستمر، الذي ضرب مناطق شاسعة في البلاد لأكثر من خمس سنوات. هذه الأزمة الطبيعية تسببت في تدهور كبير في إنتاج الأعلاف المحلية وزيادة تكاليفها، مما أدى إلى تقليص قدرة الفلاحين، وخاصة صغار المربين، على تربية وتسمين المواشي. فغياب العلف المحلي وارتفاع أسعار العلف المستورد جعل الكثير من المزارعين يتوقفون عن ممارسة هذه الأنشطة، في وقت كان فيه السوق المحلي بحاجة ماسة لهذه المنتجات الحيوانية.

وتتفاقم الأزمة بسبب التقلبات في الأسعار العالمية للمواد الغذائية، حيث شهدت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعًا ملحوظًا، إذ انتقلت أسعار لحوم الغنم والماعز من 7 دولارات أمريكية للكيلوغرام إلى 15 دولارًا مع نهاية 2023، بينما تجاوزت أسعار لحوم البقر حاجز الـ12 دولارًا للكيلوغرام. هذا الارتفاع الكبير انعكس بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين وأدى إلى زيادة الأعباء على الأسر المغربية.


التأثيرات الاقتصادية والبيئية للأزمة

إلى جانب الأثر البيئي الناتج عن الجفاف، هناك عوامل اقتصادية أخرى ساهمت في رفع تكلفة الإنتاج، أبرزها الزيادة الكبيرة في أسعار الشحن والنقل وكذلك ارتفاع تكاليف المواد الطاقية. هذه الزيادة في التكاليف أثرت بشكل كبير على واردات اللحوم، مما جعلها تساهم في رفع أسعار اللحوم المستوردة إلى السوق المغربي.

من جانب آخر، فإن الحلول التي تم اعتمادها من قبل الحكومة لتخفيف هذا العبء على الفلاحين والمستهلكين، مثل تخصيص دعم مالي لتوفير العلف بأسعار معقولة، لم تكن كافية لمواجهة الأزمة المستمرة. وعلى الرغم من ذلك، يستمر ارتفاع أسعار اللحوم بسبب هذه العوامل المتعددة والمعقدة.


إجراءات الحكومة المغربية للتخفيف من الأزمة

في سعيها لتخفيف تأثيرات هذا الوضع على السوق المحلي، قامت الحكومة المغربية في موسم 2023 بإعفاء واردات الأبقار والأغنام من الرسوم الجمركية والضرائب على القيمة المضافة، وذلك لتلبية الطلب المتزايد، خاصة خلال فترات الذروة مثل عيد الأضحى. لكن على الرغم من هذه الإعفاءات، فإن واردات المواشي تخضع لنظام "الكوطا" الذي يحدد عدد الرؤوس المستوردة سنويًا، هذا النظام يهدف إلى تنظيم السوق ومنع التلاعب في الأسعار، ويحدد قرار صادر عن وزير المالية بتاريخ 29 ديسمبر 2023 سقفًا أقصى للواردات، حيث لا يجوز استيراد أكثر من 100 ألف رأس من العجول كشرط للاعفاء من الضريبة على القيمة المضافة مع ضرورة التوفر على التزام مسبق للاستيراد من الادارة المعنية.

ويخضع استيراد الحيوانات الحية، سواء الأبقار أو الأغنام اضافة للالتزام المسبق بالاستيراد الى شروط صحية أخرى مرتبطة بحالة القطيع وشروط النقل والمراقبة عند المعابر الحدودية.


اللحوم المجمدة: خيار لمواجهة غلاء الأسعار

في ظل هذه الأزمة المركبة، أصبح استيراد اللحوم المجمدة من أبرز الحلول التي تلجأ إليها الحكومة المغربية لتوفير اللحوم بأسعار أقل من تلك التي تقدمها السوق المحلية. حيث قررت الحكومة استيراد 20 ألف طن من اللحوم المجمدة، في خطوة تهدف إلى توفير كميات كافية من اللحوم وتغطية العجز الناتج عن تراجع العرض المحلي بسبب الجفاف. هذا القرار يعتبر بمثابة "حل سريع" لتلبية احتياجات السوق وتقليل الضغط على المستهلكين، وهو يأتي ضمن خطة أكبر تهدف إلى التحكم في الأسعار ومنع حدوث أي نقص حاد في العرض.

ولازالت الخطوة الرامية الى استيراد اللحوم المجمدة تلقى ترددا وجدالا بين المهنيين المتخوفين من ردة فعل المستهلك من جهة، وانعكاس الخطوة على انخفاض الأسعار من جهة أخرى.


التحديات والآمال المستقبلية

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، تبقى التحديات كبيرة أمام قطاع المواشي في المغرب. إذ تظل الأزمة المناخية مستمرة، مما يهدد استدامة الإنتاج المحلي. كما أن تقلبات الأسعار الدولية وظروف السوق العالمية تجعل من الصعب التحكم في أسعار اللحوم على المدى الطويل. ومع ذلك، يمثل القرار الأخير لاستيراد اللحوم المجمدة خطوة نحو توفير بعض الاستقرار للسوق المحلي، ويعكس استجابة الحكومة السريعة للمشاكل الطارئة التي يعاني منها قطاع الثروة الحيوانية.

في النهاية، يبقى الحل الأمثل هو تطوير استراتيجيات طويلة الأجل لضمان استدامة الإنتاج المحلي، وتحسين الظروف البيئية والفنية في مجال تربية المواشي. بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية الزراعية وتوفير الدعم المستمر للمربين والفلاحين لمواجهة التحديات المستقبلية التي قد تنجم عن الجفاف أو أي تقلبات في أسعار المواد الأولية.


قبل استيراد أو تصدير منتج معين، يمكنك طلب استشارة عن الاجراءات القانونية والوثائق اللازمة من هنا


تعليقات

التنقل السريع